فصل: أحاديث التيمم من غير طلب الماء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 أحاديث التيمم من غير طلب الماء

- قد يستدل لذلك بحديث رواه أبو داود في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏في ‏"‏باب المتيمم يجد الماء بعد ما صلى في الوقت‏"‏ ص 55 - ج 1، وأخرجه النسائي في ‏"‏التيمم‏"‏ ص 75 مسندًا ومرسلًا‏.‏‏]‏ من حديث عبد اللّه بن نافع عن الليث عن بكر بن سوادة عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، قال‏:‏ خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة، وليس معهما ماءًا فتيمما صعيدًا طيبًا فصليا، ثم وجد الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد‏:‏ ‏"‏أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك، وقال للذي توضأ فأعاد‏:‏ ‏"‏لك الأجر مرتين‏"‏، انتهى‏.‏ ورواه الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ وقال‏:‏ حديث صحيح على شرط الشيخين، قال أبو داود‏:‏ وغير ابن نافع يرويه عن الليث بن عميرة بن أبي ناجية عن بكر بن سوادة عن عطاء عن النبي مرسلًا، وذكر أبو سعيد فيه وَهَم ليس بمحفوظ، انتهى‏.‏ قال ابن القطان في ‏"‏الوهم والإيهام‏"‏‏:‏ فالذي أسنده أسقط من الإسناد رجلًا، وهو عميرة فيصير منقطعًا، والذي يرسله فيه مع الإرسال عميرة، وهو مجهول الحال، قال‏:‏ لكن رواه أبو عليّ بن السكن‏:‏ حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي ثنا عباس بن محمد ثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا الليث بن سعد عن عمرو بن الحارث‏.‏ وعميرة بن أبي ناجية عن بكر بن سوادة عن عطاء عن أبي سعيد أن رجلين خرجا في سفر، الحديث قال‏:‏ فوصله ما بين الليث‏.‏ وبكر بعمرو بن الحارث، وهو ثقة، وقرنه بعميرة، وأسنده بذكر أبي سعيد‏.‏

- حديث آخر، رواه إسحاق بن راهويه في ‏"‏مسنده‏"‏ أخبرنا زيد بن أبي الزرقاء الموصلي ثنا ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن حنش عن عبد اللّه بن عباس أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بال ثم تيمم، فقيل له‏:‏ إن الماء منك قريب، قال‏:‏ ‏"‏فلعلي لا أبلغه‏"‏، انتهى‏.‏

في أن التيمم رافع أو مبيح‏.‏ ومما استدل به على أن التيمم رافع للحدث، حديث ‏"‏الصحيحين‏"‏ ‏[‏عن جابر، تقدم تخريجه - في - أحاديث التيمم - بأجزاء الأرض‏.‏‏]‏ ‏"‏وجعلت لي الأرض مسجدًا أو طهورًا‏"‏، وحديث السنن ‏[‏من حديث أبي ذر تقدم تخريجه في أول ‏"‏كتاب التيمم‏"‏‏.‏

‏]‏ ‏"‏الصعيد الطيب وضوء المسلم، ولو إلى عشر حجج‏"‏ وتكلف القائل بأنه مبيح لا رافع، وأجاب عن الحديثين‏:‏ بأن معناهما أن التراب قائم مقام الطهور في إباحة الصلاة، قالوا‏:‏ ولو كان طهورًا حقيقة لما احتاج الجنب بعد التيمم أن يغتسل، ثم استدلوا على ذلك بحديث عمران بن الحصين ‏[‏حديث عمران هذا أخرجه البخاري‏:‏ ص 449، ومسلم‏"‏ ص 240، تقدم تخريجه‏]‏ أخرجاه في ‏"‏الصحيحين‏"‏ قال‏:‏ كنا في سفر مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فصلى بالناس، فإذا هو برجل معتزل، فقال‏:‏ ‏"‏ما منعك أن تصلي‏؟‏ قال‏:‏ أصابتني جنابة ولا ماء، قال‏:‏ عليك بالصعيد‏"‏، واشتكى إليه الناس العطش فدعا عليًا‏.‏ وآخر، فقال‏:‏ ‏"‏أبغيا الماء، فذهبا فجاءا بامرأة معها مزادتان، فأفرغ من أفواه المزادتين، ونودي في الناس، فسقى واستسقى، وكان آخر ذلك أن أعطى الذي أصابته الجنابة من إناء من ماء، فقال‏:‏ اذهب فأفرغه عليك‏"‏، انتهى‏.‏ وقد يقال‏:‏ إن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عاجله بالماء ‏[‏فيه ما في البخاري في ‏"‏علامات النبوة‏"‏ ص 504، فأمره أن يتيمم بالصعيد، ثم صلى، وأصرح منه ما عند مسلم‏:‏ ص 204 قبل صلاة المسافرين، فأمره رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فتيمم بالصعيد، فصلى، وما في ‏"‏الدارقطني‏"‏ ص 74، ‏"‏فتيمم الصعيد، فصلى، وإذا قدرت على الماء فاغتسل‏"‏، اهـ‏.‏ وفي ‏"‏الطبراني الصغير‏"‏ ص 151 في حديث قوله عليه السلام‏:‏ ‏"‏تيمم بالصعيد، ثم صل، فإذا أتيت الماء فاغتسل‏"‏‏.‏‏]‏ قبل أن يتيمم، إذ ليس في الحديث أنه تيمم، أو يقال‏:‏ إنه عليه السلام أمره بالاغتسال استحبابًا لا وجوبًا، وقد روى أبو داود ‏[‏في ‏"‏باب الجنب إذا خاف البرد‏"‏ ص 54، تقدم تخريجه‏]‏ من حديث عمرو بن العاص، قال‏:‏ احتلمت في ليلة باردة، وأنا في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح، ثم أخبرت النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فضحك، ولم يقل شيئًا، ورواه الحاكم، وقال‏:‏ على شرط الشيخين، فلو كان الاغتسال بعد التيمم واجبًا لأمره به‏.‏

فائدة في ذكر وَهَم، وقع لعبد الحق في أحكامه‏"‏ ذكر في ‏"‏باب التيمم، من كتاب الطهارة‏"‏ من طريق العقيلي عن صالح بن بيان عن محمد بن سليمان بن علي بن عبد اللّه بن عباس عن أبيه عن جده عن ابن عباس، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏مسح التيمم هكذا‏"‏، ووصف صالح من وسط رأسه إلى جبهته، قال ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ هذا خطأ، وتصحيف حققه عليه إدخاله إياه في ‏"‏التيمم‏"‏ إذ لم يسمع في رواية ولا في رأي يمسح الرأس في التيمم، وإنما هو مسح اليتيم، ولو قرأ آخر الحديث لتبين له سوء نقله، قال العقيلي في ‏"‏كتابه‏"‏ في ‏"‏ترجمة محمد بن سليمان بن علي أمير البصرة‏"‏‏:‏ عن أبيه عن جده عن ابن عباس مرفوعًا‏"‏ ‏"‏مسح اليتيم هكذا‏"‏ ووصف صالح من وسط رأسه إلى جبهته، ومن كان له أب فهكذا، ووصف صالح من جبهته إلى وسط رأسه، قال‏:‏ ومحمد بن سليمان ليس يعرف بالنقل، وحديثه غير محفوظ، انتهى‏.‏ وقد ذكره غير العقيلي كذلك، ومنهم البزار في ‏"‏مسنده‏"‏ وليس لقائل أن يقول‏:‏ لعل التصحيف من العقيلي، فإن العقيلي إنما يترجم بأسماء الرجال‏.‏ وعبد الحق إنما تحقق وهمه بإدخاله إياه في ‏"‏كتاب الطهارة‏"‏ بين أحاديث التيمم، وإنما هو اليتيم، فقال البزار لما رواه‏:‏ هذا حديث لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه، فلذلك كتبناه إذ لم يشارك محمد بن سليمان في هذه الرواية أحد، وكذلك رواه الخطيب ‏[‏ص 291 لفظه‏:‏ امسح رأس اليتيم هكذا إلى مقدم رأسه، ومن كان له أب هكذا إلى مؤخرة رأسه، اهـ‏.‏‏]‏ في تاريخ بغداد‏"‏ في ‏"‏ترجمة محمد بن سليمان‏"‏ وقال‏:‏ لا يحفظ له غيره، ولم يذكره بجرح، ولا تعديل، واللّه أعلم‏.‏